"إعلام السلام" هي القضية التي نناقشها اليوم، مفهوم يبحث المقترحات والمبادرات لتخفيف حدة الصراعات. ويبحث في الأسباب البنائية والثقافية للصراع ومدى تأثيره على حياة المواطنين وتقديم المضمون الذى يعكس القواسم المشتركة بين أطراف الصراع كافة فى مجتمع معين.

عند كل حديث عن الإعلام علينا دائمًا أن نفصل بين التوظيف الرديء للإعلام وبين مزايا الإعلام والاتصال في ترسيخ مجموعة من القيم؛ لعل أهمها: ترسيخ الديمقراطية، وتبادل المعارف والثقافات، ونقل الأخبار عن الشأن العام وإبداء الرأي فيه ، وبناء الفكر ، وترسيخ الوعي. إن الإعلام عنصر تحضُّر وتقدُّم، ولعل القصور في الفكر العربي يعود بشكل كبير إلى عدم استغلال العرب لهذه القيمة، وهو قصور قد يعود إلى العديد من المؤثرات. ومن بين التوظيفات السيئة للإعلام يعترضنا أخطبوط الأفكار المضللة ؛ فنحن أمام إشكال فكري وإجرائي في الوقت نفسه، ويمكن تلخيصه كالآتي: كيف يمكن التوفيق للإعلام لتخفيف حدة الصراعات والاستفادة المضاعفة من ظاهرة الاتصال والإعلام وشبكة الإنترنت علميًّا وثقافيًّا وسياسيًّا، وبين تداخل التوظيفات والقراءات السلبية لها؛ خاصة تلك المتصلة بنشر الأفكار المضللة؟

   وللإجابة عن هذا السؤال المركَّب سنحاول في هذه الورقة البحثية أن نناقش العلاقة المتبادلة بين الإعلام بكل أشكاله وتأثيراته وبين بناء الفكر وتحصين الوعي.

واذا كانت الأفكار هي المنبع الرئيسي للتطرف فإنه لا يمكن أن تقوم جهة بعينها بالدور الكامل في مشهد القضاء عليه؛ وإنما أصبحت إمكانية محو هذا التطرف في أيدي جهات عديدة تؤدي دورها بشكل متكامل ومتكاتف في ضوء وعي ورؤية واضحة.